في الوقت الذي تواصل فيه دولة الاحتلال التصعيد ضدّ المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، تواصل مراكز الابحاث في الدولة العبرية نشر الدراسات التي تهدف الى تأليب الرأي العام ضدّ حركة حماس، وربما التمهيد لشن عدوان جديد على القطاع.
واوضحت مراكز ابحاث اسرائيلية انّ حالة تعاظم قوة حماس لا تزال جارية، وسيستغرق تطبيقها الكامل، وفقا لتقديراتها، سنوات عدة، اما في بعض المكونات فيلاحظ نضج اساسي، مما يوسع حجم التهديدات التي تفرضها امام الجيش الاسرائيلي وامام الاسرائيليين الذين يعيشون في النقب الغربي، وتتضمن هذه التهديدات، بحسب الدراسة التي نشرها مركز المعلومات الاسرائيلي حول الاستخبارات والارهاب على موقعه الالكتروني: قدرات متطورة لتنفيذ عمليات نوعية كالتسلل داخل اسرائيل لتنفيذ عمليات اختطاف، توسيع حجم الاطلاق الصاروخي باتجاه اسرائيل، وتوسيع دقته ومداه والقوة الكامنة فيه، توسيع التهديدات الموجهة بواسطة الاسلحة المضادة للدبابات على الاليات المدرعة، والتهديدات الموجهة ضد قوات المشاة التابعة للجيش الاسرائيلي، الاهتمام اكثر بقدرة القوات العسكرية لحماس، التي من المفروض ان تدير القتال برمته من مناطق مكتظة بالسكان في القطاع.
وقالت الدراسة ايضا، بحسب المصادر الامنية في تل ابيب، انّ قادة حركة حماس في سورية،التي تعتمد على المساعدة الايرانية والسورية والاموال التي تم جمعها في العالم العربي ومن الغرب، تتولى عملية التعاظم العسكري للحركة في القطاع، حيث تتجسد تغذية عملية التعاظم العسكري لحماس، في الجوانب التالية: نقل وتصدير المعلومات الايديولوجية والتكنولوجية، توفير الوسائل القتالية والعتاد، تدريب نشطاء حماس في ايران وسورية، تهريب الوسائل القتالية والاموال والنشطاء، من ايران وسورية الى قطاع غزة عبر البنية التحتية المتشعبة للانفاق ومعبر رفح، واستغلال عجز وتقصير قوات الامن المصرية، التي تمتنع عن القيام بعمليات امنية فعالة وناجعة تقطع انبوب الاوكسجين الرابط بين حماس وباقي المنظمات والدول التي تدعمها.
علاوة على ذلك، جاء في الدراسة، انّ تصور حماس الدفاعي عن قطاع غزة يهدف الى توفير ردّ غير متكافئ على تفوق الجيش الاسرائيلي عسكريا وتكنولوجيا، ويتم ذلك بطرق عدّة: استعمال وسائل القتال المتطورة التي تم استخدامها بنجاح من جانب حزب الله كعبوات جنازير، واسلحة مضادة للصواريخ، ايقاع اكبر عدد من الاصابات في صفوف الجيش الاسرائيلي، من خلال ادارة الجزء الاساسي من عمليات القتال في مناطق مأهولة بالسكان، تطوير سبل الاخفاء والتمويه من اجل الحفاظ على صمود حماس، استنزاف الجبهة الداخلية الاسرائيلية بالاطلاق المكثف للصواريخ، وان امكن القيام بعمليات انتحارية عبر حدود سيناء، ومن الضفة الغربية اثناء نشاط الجيش الاسرائيلي في القطاع.
تشهد الحدود الشرقية لقطاع غزة مع اسرائيل تحركات ملحوظة اكثر من اي وقت مضى، لدرجة دفعت بعض المراقبين الاسرائيليين للتكهن بان ثمة قرارا ما اتخذ، او قد يتخذ، خلال الاونة القريبة القادمة يخص الشريط الساحلي على القطاع، ومما ساعد في زيادة رصيد هذه التكهنات، التحركات المكثفة التي يقوم بها الجيش الاسرائيلي، والنشاطات الميدانية التي تجريها وحداته القتالية، والتجارب التي تعلن عنها قوات الدفاع المدني في الجبهة الداخلية على صفارات الانذار، ما يعني ان المنطقة باتت امام تحرك قد يبدو سريعا.
وفي ما يتعلق بقرع طبول الحرب، فيمكن الاشارة الى انّه في هذه الايام تنفذ وحدة من سلاح المدرعات في الجيش الاسرائيلي عمليات فتح شوارع على طول الحدود مع غزة، وغلاف القطاع لتحقيق اكثر من هدف: تنظيف المنطقة: بما يمنع تنظيمات المقاومة الفلسطينية من زرع عبوات ناسفة ومتفجرات في طريق وحدات الجيش والدوريات المنتشرة على طول الحدود، واستهدافها بعمليات تفجيرية .تجهيز المنطقة: لتسهيل سير المدرعات في حال صدرت الاوامر باقتحام غزة، واعلان قائد الكتيبة ان العمل يتواصل على مدار الساعة، وبحسب المصادر عينها ففي قاعدة تدريب في منطقة اخرى في الجنوب، بدا الجيش الاسرائيلي تدريبات تشارك فيها وحدات من سلاحي المدرعات والجو، بهدف التنسيق بينهما، في حال تقرر تنفيذ عمليات تتطلب غارات جوية بمساعدة المدفعية واجهزة المراقبة، ويشرف على هذه التدريبات رئيس اركان الجيش الجنرال غابي اشكنازي بنفسه.
ولكن بموازاة ذلك، فعلى الرغم من الاجواء التي تفوح منها رائحة التصعيد العسكري، فان التصريحات التي يطلقها مسؤولون عسكريون وسياسيون وخبراء امنيون في اسرائيل يلاحظ وجود تناقضات في التوقعات والنتائج، فهناك من يحسم بان حماس غير معنية اليوم بتوتر عسكري، ويعتبر الاوضاع التي تسود المنطقة هادئة، لكن بالمقابل هناك من يعتبر ان هذا الهدوء لمصلحة حماس التي تستغله لمواصلة تعزيز قدراتها العسكرية، فيطالب بالرد القاسي عليها، وتحميلها مسؤولية اي تدهور في المناطق الجنوبية، ووفقا لما قاله قائد وحدة غزة سابقا في قيادة المنطقة الجنوبية، شموئيل زاكاي، فان الوضع غير مستقر، ويسير باتجاه واضح يقود نحو التصعيد، ويشدد قائلا انّه على اسرائيل ان تقوم مرة اخرى بعملية عسكرية، على غرار عملية الرصاص المسبوك في شتاء العام 2009 لتحقيق الردع لفترة محدودة، على حد تعبيره. وطالما ان قرار الضربة العسكرية في غزة ما زال مؤجلا، فان التقارير الاسرائيلية ما زالت في مرحلة التخمينات، حيث ترى الاجهزة الامنية في تل ابيب الاسرائيلية ان الهدوء يغطي على استمرار عملية تسلح حماس، والبناء المتجدد للتحصينات، والاهم، تثبيت حكم حماس في القطاع.
ومن الواضح ان اسرائيل باتت على قناعة، بان حماس استكملت على المستوى العسكري عملية استخلاص الدروس من جولة القتال الاخيرة، بمساعدة ايران وسورية وحزب الله، واغلقت فجوات، واصلحت نقاط خلل اكتشفت في المواجهة مع الجيش الاسرائيلي، ولعل ابرز ما توصلت اليه حماس من استنتاجات، وفقا للتقارير الاسرائيلية، ذلك التزود بالوسائل القتالية، وبينها صواريخ متطورة ومضادة للمدرعات اكثر دقة وفتكا وذات مدى ابعد مما كان في حوزتها قبل عملية الرصاص المصبوب، حيث تدعي التقارير الاسرائيلية ان لديها عشرات الصواريخ من نوع (فجر) الايراني، وانواعا اخرى شبيهة له، ولا تسقط من توقعاتها ان تملك الحركة ايضا صواريخ مضادة للطائرات.