تكملُ اليومَ الداعيةُ "تمام أبو السعود" يومَها الستين "60" في سجونِ السل طةِ الآثمةِ في الضفةِ الغربيةِ المُحْتَلَّةِ المُكَبَّلةِ، لتشهدَ باختطافِهَا على بشاعةِ الذيليةِ للاحتلالِ، والتبعيةِ للمجرمينَ منْ بني صُهْيُون، ولترسمَ لنا صورةَ الثباتِ على الحقِّ، والتمسكِ بالمبادئِ من قواريرِ البشر .
السيدةُ الداعيةُ إلى اللهِ "تمام أبن السعود" عزيزةٌ في سجونِ الذلِّ والهوانِ، وكريمةٌ في معتقلاتِ الخيبةِ والعارِ، ومؤمنةٌ بين يدي منْ لا خلاقَ لهم في الدنيا وربما في الآخرة، فما جزاءُ الاعتداءِ على المؤمنينَ والمؤمناتِ إلا الحرقُ بالنارِ يومَ القيامة [إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ].
لقد مارسَ سياسيةَ الاعتقالِ من قَبْلِ هؤلاءِ القومِ الطاغيةُ الأولُ : "فرعون بني إسرائيل" –ولكل أمةٍ فرعون-، وها هوَ القرآنُ الكريمُ يحكي لنا قصةَ تهديدِ فرعونَ لنبيِ اللهِ موسى عليهِ السلامُ، يومَ أنْ جاءَه بالحقِّ فأبَى وطَغَى، مستنكراً أنْ يكونَ القرارُ لغيره، مصرًا على أنْ يكونَ هو –وحده- من يأمر وينهى، فقال [لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ] .
ولقد حاولَ ظلمةُ قريشٍ أن يمارسُوا نفسَ الأسلوبِ معَ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم، وإذَا بهم يَجعلونَ مِن خياراتِهمُ المحتملةِ : إثباتُ رسولِ اللهِ في أيديهم، ولكنَّ اللهَ فضَحَهم وأخزَاهم وأفشلَ مكرَهم وأبطلَ كيدَهم، وأخرجَ نبيَّه من بينِ أيديهِم سالماً غانماً [وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ] .
ومن خلال التتبع لمجريات الأحداث على المستوى المحلي والعالمي، تبين صدق العبارة التي تقول : "التاريخ يعيد نفسه"، فقد أبى الكثثير من الناس إلا السير خلف فراعنة الدنيا، متلمسين خطاهم، مستنيرين بظلامهم وضلالهم، حتى يحكم الله بينهم وبين أقوامهم بالحق، وهو خير الحاكمين.
وها هم ظلمة بلادنا، في الضفةِ الغربيةِ المُحْتَلَّةِ المُكَبَّلةِ، يتبعون من سبقهم بالظلم، "شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ"، ويلهثون وراءهم بالشر "حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ"، وليأتينَّ عليهم ما أتى على من قبلهم "حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ"، حتى يهلكوا كما هلكوا بإذن الله سبحانه وتعالى.
وستستمرُ قافلةُ التمايزِ، بينَ أهلِ الحق وأهلِ الباطل، وستدرسُ سيما الازدواجِ بين الكفرِ والإيمان، بينَ الخيرِ والشر، وستذهبُ معالمُ النفاق، [حَتَّى يَصِيرَ النَّاسُ إِلَى فُسْطَاطَيْنِ فُسْطَاطِ إِيمَانٍ لَا نِفَاقَ فِيهِ وَفُسْطَاطِ نِفَاقٍ لَا إِيمَانَ فِيهِ] .
إننا اليوم باعتقال المؤمنات المجاهدات على يد أذناب الاحتلال، نقف عل مفترق طرق، فما عاد هناك خيرٌ يُرجَى ممَّن رضيَ بالحياةِ الدنيا، واطمئنَّ بها، وأصرَّ على التغافلِ عن آياتِ اللهِ المبثوثةِ في صحوةِ الشعوبِ المعاصرةِ، والآخذةِ بالقوةِ يوماً بعد يومٍ، فما بعدَ اعتقالِ حرائرِ فلسطينَ إلا النارُ والعارُ، لمنْ جعلَ نفسَهُ مطيةً لأعداءِ الأمةِ "الصهاينة"، ورضيَ أنْ يكونَ حذاءً يُمتَطَى لتمريرِ خططٍ أمنيةٍ، يقودُها البابا الأمريكي .
إنَّ اعتقالَ السيدةِ "تمام أبو السعود"، يجيءُ ضمنَ مسلسلٍ إجراميٍ، رضيتْ به السلطةُ الفلسطينيةُ في الضفةِ الغربيةِ المُحْتَلَّةِ المُكَبَّلةِ، فرقمُها مع منْ قبلها من الشباب المعتقل في سجون السلطة بلغ أكثر من 1200 معتقلاً سياسياً .
والمشاهد أن أزلام السلطة ماضون في تطرفهم بملاحقة المؤمنين والمؤمنات، حتى يرضى عنهم أرباب الدولار الأمريكي، فهم يخشون إن رفضوا الأوامر وتوقفوا عن مسلسلة الخزي أن يقطعوا عنهم أسباب حياتهم الرخيصة الذليلة، فلا حياة لهم سواها، وليذهب أبناء شعبهم إلى الجحيم !
ونحنُ نعلمُ يقيناً أنَّ طريقَ الحريةِ مضرجٌ بالدماء، مفروشٌ بالتضحيات، معبدٌ ببذلِ المُهَجِ، ولن تُمنحَ الحريةُ أو تُعطى لنائمٍ أو جبان :
وللحُرِّيةِ الحَمْرَاءِ بابٌ بِكلِّ يدٍ مُضَرَّجَةٍ يُدَقُّ
ستمضى قافلةُ الحقِّ والقوةِ والحريةِ، حتى يحكمَ اللهُ بيننا وبينَ قومِنا بالحق، ولن يطولَ ليلُ الظالمين، وكما شَهدنا مهلكَهُم في غزة، فليس بعيداً أنْ نراهُم وقد لَفَظَتهم أرضُ الضفةِ لِيُلْقَوْا في أحضانِ أربابِهم الذينَ غَسَلوا عقولَهم، وأوهَموهم بأنهم باقونَ إلى يومَ القيامة، وحينَ تجيءُ ساعةُ لفظِهِم ستبصقُ عليهم الدنيَا كلُّها، وسيدوسهُمُ المؤمنونَ بسنابِكِ خيلِ الحقِّ والعدلِ، وما اختطافُ تمام ... إلا مؤذنٌ بقربِ الانتقام ...
السبت 29 يناير 2011, 5:57 am