«يديعوت»: تآكل قوة الردع
كتب المراسل العسكري لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، اليكس فيشمان، اليوم في سياق التغطية للتصعيد في اليومين الأخيرين، إن «الجيش يدفع نحو التصعيد. في مداولات تقويم الوضع التي أجراها رئيس الوزراء صباح أمس، حتى قبل العملية في القدس، أبدى الجيش نهجا جد كفاحي. في نظر الجيش، المواجهة مع حكومة حماس في قطاع غزة تكاد تكون قدراً من السماء. إن لم يكن الآن، فبعد سنة أو سنتين. إذا لم نعمل اليوم، فسندفع ثمن التصعيد المتدرج حتى المواجهة الشاملة».
وأضاف: «إسرائيل، يقول الجيش، يجب أن تعزز الردع الذي تآكل منذ عهد عملية "الرصاص المصبوب". كان علينا ان نضرب حماس قبل نحو شهر، حين سقط لأول مرة صاروخ غراد على بئر السبع. أما الآن فالضربة يجب أن تكون أكثر إيلاما. والمرحلة اللازمة التالية في سلم العنف، ان لم تكن ضربة عسكرية شاملة فعملية برية جزئية، هي عودة إلى عهد الإحباط المركز لقيادة حماس والجهاد. وحسب نظرة الجيش الإسرائيلي فإن هذه هي الخطوة الأكثر نجاعةً. هذه اللغة تفهمها القيادة الفلسطينية على النحو الأفضل. المعنى: الاستعداد لجمع المعلومات والشروع في إسقاط الرؤوس هناك، ولا سيما كبار رجالات الذراع العسكري، مع التشديد على الجهاد الإسلامي».
وتابع فيشمان: «بينما رئيس الوزراء يتردد في مسألة إذا كان التوقيت السياسي والدولي الحالي مناسبا للتصعيد في جبهة غزة، وقع عصر أمس انفجار في القدس فقيّده. وزير الأمن باراك - من الطائرة، في الطريق العودة إلى البلاد من نيويورك – يبعث ببلاغات حماسية للصحافة بروح "سنحطم لهم العظام"».
ويشير فيشمان إلى أن نتنياهو نجح «في موضوع واحد في أن يخفف، بقدر ما، من حدة موقف الجيش: إذا استمر التصعيد، وتعاظمت وتيرة نار الصواريخ نحو إسرائيل، سيبذل جهد لنشر بطاريات "قبة حديدية" في أسبوع ونيف. حتى الآن لم يوافق الجيش على نشر البطاريات حول البلدات لأنه ظهر فيها بعض أمراض الطفولة. الحاجة السياسية الى نشر البطاريات، إذا ما احتدم الوضع، ستضع منظومة "قبة حديدية" في الاختبار بينما هي ليست في وضعها الأفضل».
ويخلص فيشمان إلى أن «في هذه الأثناء لا يتوقف احد ليتساءل إذا كانت هناك على الإطلاق صلة بين العبوة في القدس والتسخين في الجبهة الجنوبية. الاحتمال بوجود مثل هذه الصلة ليس عاليًا. فمنطقة القدس لا تزال سائبة وتعاني من وباء الماكثين غير القانونيين. في الحالتين لم يكن هناك أي إخطار، بحيث أن الحديث يدور أغلب الظن عن شبكات تستغل عدم الاكتراث والحياة الروتينية التي وقعنا فيها بعد سنوات من الهدوء في القدس. يحتمل أن تكون هذه مجموعات تعمل بالهام مما يجري في العالم العربي. جهاز الامن أعلن بانه لم يكن هناك مزيد من "المطلوبين" في الضفة. أما الآن فيوجد، ويجب البحث عنهم».
ويضيف: «الفلسطينيون يهددون بالإعلان من طرف واحد عن دولة في شهر ايلول. كلما اقتربنا من هذا الموعد سنشهد احتجاجا شعبيا متصاعدا واحداثا دراماتيكية أكثر فأكثر. ولكن في ضوء القدرات المعروفة للمنظمات في المناطق، لا يبدو أننا سنعود في الفترة القريبة القادمة الى واقع أيام الانتفاضة الثانية، عندما كانت الباصات تتفجر في مراكز المدن كل اثنين وخمس».
«الجيش يدفع نحو اعادة قدرة الردع تجاه قطاع غزة. والآن يجب الاستعداد لتبادل الضربات، التي ستشتد فقط».
«هآرتس»: لا للرصاص المصبوب 2...
كتبت هيئة تحرير صحيفة «هآرتس» إن «الهدوء الأمني النسبي، الذي تمتعت به إسرائيل في السنتين الأخيرتين، وصل نهايته. في حدود قطاع غزة يبدو ملحوظا في الأيام العشرة الأخيرة تصعيد في تبادل إطلاق النار بين حماس والجيش الإسرائيلي، وفي القدس انفجرت أمس عبوة ناسفة بجانب حافلة باص، فيما أن التحقيق في القتل في ايتمار لا يزال في أوجه».
وأضافت: «احتدام المواجهة في الجنوب يذكرنا بأحداث مشابهة في الماضي غير البعيد. فبعد فترة من تبادل إطلاق النار بمستوى منخفض نسبيا، أطلقت حماس خمسين قذيفة هاون نحو غربي النقب. ردت إسرائيل بسلسلة هجمات من الجو وبنار الهاون، وأول أمس قتل بنار الجيش الإسرائيلي ثمانية فلسطينيين بينهم أربعة مدنيين. حماس ردت بإطلاق صاروخي "غراد" على بئر السبع. ضرب عاصمة النقب أثار دعوات من اليمين لرد حاد، "رصاص مصبوب 2"، لاقت دعمها في تعطل مؤسسات التعليم في بئر السبع وفي أسدود. العملية في القدس، بعد بضع ساعات من الغراد في الصباح، ستؤدي إلى تشديد الضغط على الحكومة "لتوجيه ضربة قاضية للإرهاب"»..
وقالت إن «على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن يهدئ التصعيد، بدلا من الانجرار إلى حملة جديدة في غزة. حملة "رصاص مصبوب" هي الأخرى لم تحقق الردع لزمن طويل. لا يوجد ما يجعل حملة استكمالية من ذات النوع أكثر نجاحاً».
وأكدت أن «الوضع السياسي لإسرائيل يختلف جوهريا عن الوضع الذي ساد قبل سنتين. فإسرائيل معزولة في العالم بسبب رفضها الوصول الى حلول وسط مع الفلسطينيين وتمسكها بتنمية المستوطنات. إدارة أوباما لن تؤيد كسلفها استخدام القوة الوحشية في محيط مدني، وإسرائيل لا يمكنها أن تعتمد اليوم على دعم الحكومات الغربية التي وفرت لها الإسناد في الماضي. في مثل هذه الظروف على نتنياهو أن يسعى إلى التهدئة في الحدود الجنوبية والسماح لرئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس بتحقيق المصالحة مع حماس. فالوحدة الفلسطينية، مهما كانت هشة، ستمنح إسرائيل "عنوانا" يمكنها منه أن تطالب بالمسؤولية عن الهدوء ومنع العمليات – مثلما تفعل السلطة في الضفة الغربية. أما الحماسة المتزلفة للجمهور لـ "عملية عسكرية واسعة في غزة" فلن تؤدي بإسرائيل إلا إلى التورط، التنديدات وتعميق العزلة».