((( بين الجُبِّ ........ و ما يخفى )))
إلى الأخ القائد : إسماعيل هنيّة ( أبو العبد ) حفظهُ الله
لقد مرّوا و طيفُكَ لا يمرُّ
و هم مكروا و عند اللهِ مكرُ
و عادوا بالقليلِ فلستَ فيهم
بغيركَ كلُّهم يا أنتَ صفرُ
و مازلتَ انتباهاً من ضياءٍ
فكيف يضمُّ هذا النّورَ بئرُ ؟
وأشهدُ أنّ غيبتَكَ احتضارٌ
لنا و حضورَهم ما فيهِ خيرُ
و لم يظلمكَ هذا الظّلمَ جُبٌّ
و لكن سوّلتْ نفسٌ فصبرُ
****
أمرُّ إليك منّي كي أراني
فأنت أنا و دونَ أناكَ كُثرُ
وأنت أبي أقاتلُ عنهُ حتّى
يُضرّجَ بالنّدى سيفٌ و شِعرُ
وأنت الصّبحُ يعلنُ ما لديهِ
فيورقُ في سِلالِ الضّوءِ عُمرُ
وأعلمُ أنّ سنبلةً ستبكي
طويلاً حينما يُغتالُ فِكرُ
وأنّ يمامةً ستموتُ حزناً
إذا الفسطاطُ هُدَّ و قيلَ ( عمرو)
******
لقد حبسوا مداكَ فكنتَ بُعداً
و بينك و المدى نسبٌ و صِهرُ
وهم طرحوكَ أرضاً كي يظلّوا
و يخلوَ وجهُ سيّدهم و صدرُ
فغِمتَ فصرتَ سقفاً من غمامٍ
و أبرقكَ الحصارُ فكانَ قطرُ
ليذهبَ ألفُ كرسيٍّ جُفاءً
و يمكثُ في قرارِ الجوِّ نسرُ
فإنّكَ فوق ما شاؤوا خضمٌّ
و هم في موجةِ الطّوفانِ نَزْرُ
و إنك كلّما قالوا قديمٌ
تحدّاهم هواكَ و قال : بِكرُ
فكم صُنعتْ وجوهٌ من ضبابٍ؟!
و وجهكَ أبيضُ القسماتِ بدرُ
و كم نامتْ عيونٌ كان أحرى
بها أن لا تنامَ و قامَ غِرُّ ؟!
ليصنعَ مجدَهُ من غيرِ مجدٍ
و يُبنى من عظامِ الشّعبِ قصرُ
و باسمِ الشّعبِ كم مُدَّتْ إلينا
أكفٌّ من دماء الشّعبِ حُمرُ ؟!ُ
و أقسمُ أنّه ما كان ذئبٌ
و لكنْ كان قبلَ الذّئبِ أمرُ
و إنّ دماً أرادوا منه شيئاً
دمٌ كَذِبٌ و ظلمٌ مستمرُّ
و هم جرحوا قميصَكَ ألفَ جرح
بمُديتهم و لكنْ سال عِطرُ
ليعلنَ دولةً من ياسمينٍ
لها في معجمِ التاريخِ نهرُ
*****
فياوطناً نحاصرُه و يبقى
و تضطربُ الحدودُ و يستقرُّ
و يا مطراً من الشّعرِ المقفّى
عليهِ توحّدا شعرٌ و نثرُ
و أنت أردتَ عِليّينَ بيتاً
و من طلبَ العلا لم يُغلِ مَهرُ
لقد حوصِرتَ من شرقٍ و غربٍ
فأشرقَ في جهاتِ النّفسِ فجرُ
لأنّكَ أمّةٌ دينٌ و دنيا
سقاها من سبيلِ الغيبِ ذِكرُ
و أنت اخترتَ أن تحيا كريماً
و تعرفُ أنّ دربَ المجدِ وَعْرُ
هي الأمجادُ يكتبُها رجالٌ
و إنّك في كتابِ المجدِ سِفرُ
******
نعيشُ و في ضمائرنا سجونٌ
و وحدَك في ضميرِ الجُبِّ حرُّ
و ليس الحرُّ من يمشي طليقاً
و قُضبانٌ بداخلِهِ و قبرُ
فيا عرباً سقاهم ماءُ بدرٍ
و يا عرباً بهم تُغتالُ بدرُ
و نسقط من حساب الضّوءِ عمداً
و أوّلُ أمرنا فتحٌ و نصرُ
و كم من أجلِ أن نحيا بذلنا
و خُضِّبَ في سبيل اللهِ نحرُ؟!
و ليس العيبُ في مهرٍ أصيلٍ
و لكن ربُّ هذا المهرِ غَمرُ
لماذا واحدٌ يعطي ألوفاً
من اللّاشيء و العشرونَ صِفرُ ؟!!!
و يجتمعون كي نبقى بلاداً
و تُعقدُ قمّةٌ ليضيعَ قُطرُ
و مُزجاةٌ بضاعتُهم و رُدّتْ
بأيديهم و مسَّ الأهلَ ضُرُّ
و إنّ لهم أباً عِِلْجاً كبيراً
لهُ في بيتِ أبيضهم مقرُّ
******
ألا يا أيّها الصّدّيقُ إنّا
مُنعنا كيلَنا و النّفطُ بحرُ
و نقتسمُ المذابحَ كلَّ عامٍ
تُراقُ مدينةٌ و يُهدُّ ثَغرُ
و هم حصدوا سنابلَنا فعُدنا
بلا حَبٍّ فلا غَوثٌ و عَصرُ
وكم مرّتْ بنا سبعٌ عِجافٌ ؟
أتتْ من بعدها سبعٌ أمرُّ
و نأكلُ خبزَنا لنُباعَ نفطاً
و تأكلُ من رؤوسِ القومِ طيرُ
فياشيخي عرفتَ الدّربَ فالزمْ
فأنتَ لها يدٌ طولى و أزْرُ
******
لقد أخفيتُ حبّي عن كثيرٍ
و لن يخفى عليكَ اليومَ سِرُّ
سأعلنُ في ضميرِ الكون حُبّي
لقد أحببتُ ( غزّةَ ) .... لا مفرُّ
وياشيخي سنأتي ذاتَ صُبحٍ
فقُلْ لي سوفَ إنّ البعدَ مُرُّ
و بعد بياضها ستعودُ عينٌ
إذا فصلَ النّدى أو جاءَ نَشرُ
و نختصرُ الطّريقَ كلمحِ جرحٍ
و يُصنعُ من دم الشّهداءِ جسرُ
و إنْ هم أغلقوا ( رفحاً ) علينا
فنحو اللهِ للآتي ممرُّ
سيُفتحُ معبرٌ في كلِّ أرضٍ
و سوفَ يُقالُ : كلُّ الأرضِ ( مِصرُ )